باستطاعتك أن ترسم لوحة فنية من صنع يديك ، وبريشتك تحاكي فيها منظراً لحدائق غناء ، تغرد فيها الطيور الصداحة ، وترفرف فيها الفراشات هنا وهناك ، وسط الأزهار والورود الزكية.
وفي مقدورك أيضاً أن تلطخ لوحتك الفنية ، بألوان الدماء ، وترسم جمله من الخفافيش ، والثعابين والأفاعي السامة .
الحياة أشبه بلوحة فنية في يد رسام ، توحي بما يكنه صاحب الريشة من نظرة قد تتسع ، وقد تضيق حسب ما تمليه عليه نفسه من مكنونات .
نظرتك للحياة تحكمها أفكارك سلباً أو ايجاباً فتستطيع تلوينها ( أي الحياة ) بألوان زهرية ربيعية مليئة بالتفاؤل والفأل الحسن ، وفي استطاعتك أيضاً أن تصبغها بألوان قاتمة مظلمة متشائمة ، تحكي تفكيرك وواقعك ونظرتك السوداوية للحياة .
المتفائل دائماً يحمل ريشته في يده فيلون صفحة الكون بأبهى الألوان ، وقبل ذلك يلون ذاته بزهور الربيع .
ها هو ذا يلون شفتيه الوردية بابتسامة جذابة براقه ، تدخل السرور على من حوله ، ويلون صفاته الخُلقية بألوان الطيف التي تبهر في جمالها كل من رآها ، وتعكس ألوان قوس قزح في تناسقها وروعة سحرها .
في مظهره الخارجي ، وهندامه تشع ألوان النقاء ، وحسن الذوق الذي يدل على ارتقاء أناقته ؛ لأن الله جميل يحب الجمال .
من داخل قلبه ينظف الأدران ، ويمسح غبار دغل القلوب ، فيمحو الران الذي غطى قلبه ، ويسمح لشعاع التسامح ، والعفو والمحبة أن تدخل بألوانها الربيعية المزهرة ، فيرفرف القلب طرباً بعد أن اكتسى بأزهى الألوان .
لا تكتفِ بتلوين حياتك أنت ، بل لون حياة من حولك ، وساهم في ادخال السرور على الآخرين .
وزِّع ألواناً رائعة هنا وهناك على هذا وذاك ، فأعطِ محتاجاً ، وواسِ محروماً ، وانصر مظلوماً ، وبعدها سترى أجمل الألوان أمام ناظريك وستشعر بسعادة غامرة .
بقدر تفوقك في اختيار الألوان ووضعها في مكانها الصحيح ، بقدر ما يجعلك ذلك ناجحاً ومبدعاً بأرقى المعايير .
ها هي الطبيعة بجمال سحرها الخلاب أضفت على الكون لوحة شاعرية ، وما ذاك إلا بتناغم ألوانها .
تأملوا كيف أبدع الخالق صنعها بألوان زادها المولى جمالاً .
الألوان أمامنا ، والحياة تحتاج إلى تلوين بريشة مبدعة تستحق أن تملأ صفحة الكون بالتفاؤل ، الذي لا يحصل إلا بمجموعة ألوان متناسقة تبث الروح في جسد الحياة .
لون حياتك بالطاعات ، وستكون هي الأجمل ، وهي الأساس بلا شك ، فالصلاة نور وضياء ، وهي لون من ألوان النقاء التي ترتسم على وجوه المصلين ، فتملأها سكينة وطمأنينة ، وكذا الصوم والصدقة ، وقراءة القرآن وعمل الخير ، كلها ستصبغ حياتك بأبهى حلة من الألوان .
لون حياتك واستمر في التلوين ، فما خلق الله الألوان لكي نغض أبصارنا عنها .
تعلم كيف ترسم وتلون ، وخذ دروساً وعبراً من عالم الألوان ، فالحياة صفحة بيضاء وأنت الذي ستبدع بريشة الفنان ، فأرنا أجمل الألوان لنجعل حياتنا عامرة بألوان من الخيرات .
لوِّن وجدد في حياتك ،،، في فعلك الخير ... في بيتك ... في عملك ... في ملبسك ... في مأكلك ومشربك ... في كل نواحي حياتك .
نوّع في الطاعات ولا تقتصر على عبادة واحدة .
تعلّم كيف تتصدق ولو بالقليل ... أتقن فن التسامح ... أبدع في العطاء ... أكثر من النوافل .
جدد .. لون .. ارسم .. اعمل ..تفاءل .. ابتسم .
حياتك من صنع أفكارك فارتقِ بتفكيرك ؛ حتى تبدع وتلون حياتك بألوان الربيع .
(لون حياتك) هو شعار المتفائلين الذين ارتقوا سلم المجد ، فوصلوا إلى الأعلى حتى لامست أيديهم نجوم السماء ، فكانوا مصابيح خير تنشر العطاء في فسيح هذا الكون الجميل .
✒️ سلمى الحربي