من للبؤساء ؟




قد يعيش المرء ردحا" من الزمن ذليلا" محتقرا" في نظر شريحة من الناس  !!. 

إن تكلم في المجالس لا يُصغى لحديثه ، وإن أبدى رأيه في شيىء طفق الحاضرون يجعلون أصابعهم في آذانهم ! .

هذا فضلا" عن تبادل نظرات الحاضرين التي ترمقه يمنة ويسرة ، وقد لايُزار ولا يزور ، وفوق ذلك لا يُراعى له حق لا في جوار ولا عند مرض ، حتى السلام عليه والسؤال عن حاله يعتبر منقصة وعار عند فئام من الناس ! . 

إن ذلك المسكين لم يقترف ذنبا" ، أو يرتكب جرما" في حق هؤلاء البشر !.

ذنبه هو أنه بائس فقير من الذين لا يسألون الناس إلحافا ! .

ابتلاه الله بالفقر فكان من الصابرين ، لكنه لم يسلم من ألسنة الشامتين ! .

هو فقير لكنه يحمل بين جوانحه كنزا" عظيما" لا يُشترى بالدراهم والدنانير .

إنه ذلك الإيمان الذي تدفق في عروقه فصار بلسما" ترتشفه روحه . 

هو فقير لكنه يفرح عندما يرخي الليل سدوله ؛ لأنه يجد راحته وسكينته عند مناجاة مولاه ، وها هو يردد في سواد الليل : ( رب اغفر لـــــــــــي خطيئتي يوم الدين). 

هو فقير، لكن حسبه شرفا" أن الجنة أول من يدخلها الفقراء ، وحسبه رفعةً أن الله تعالى قال في كتابه : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ، ويكفيه فوق ذلك أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( اللهم احشرني في زمرة الفقراء ) .

نعم هو بائس فقير مدفوع بالأبواب ، ورب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره . !

إن من ينظر لذلك الفقير يتذكر الحديث الذي رواه سهل بن سعد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ حينما قال : مر رجل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال لرجل عنده جالس : ( ما رأيك في هذا ؟ ) فقال : رجل من أشراف الناس ، هذا والله حري إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع ، فسكت رسول الله ، ثم مر رجل آخر فقال رسول الله : ( ما رأيك في هذا ؟ ) فقال : يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين ، هذا حري إن خطب أن لا ينكح ، وإن شفع أن لا يشفع ، وإن قال أن لا يسمع لقوله ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا ) متفق عليه . 

قال ابن الأحنف :

يمشي الفقير وكل شيء ضده
 والنـــــاس تغلق دونه أبوابها

وتراه مبغــــــوضاً وليس بمذنب
 ويرى العداوة لا يرى أسبابها

هؤلاء الفقراء البؤســـــــــــــــــــاء ، من لهم يا الله !!!!



يعيش 37% من سكان العالم الإسلامي تحت مستوى خط الفقر ، أي ما يعادل 504 ملايين شخص تقريباً .

من المسؤول عن آلاف المجاعات التي يموت بسببها آلاف من المسلمين الذين تربطنا بهم عقيدة الإسلام ؟؟!

ما واجبنا تجاه هؤلاء الفقراء ، ولماذا لا نتذكرهم إلا في رمضان ؟ ، أليس من حقهم علينا أن تكون السنة كلها رمضان !!

هل من نداء نوجهه إلى أثرياء الأمة الإسلامية بشأن هؤلاء البؤساء !! .

في الحقيقة ، لا أملك سوى أن أقول : ((( اللهم اجعل أثرياءنا رحماء على فقرائنا ))) .


                                       ✒️ سلمى الحربي