عطـــــر الورود




هذه الحديقة الغناء بأزكى أنواع الورود العطرية والرياحين الشذية ، إذا زرتها يوما" ما فتمتّع بمنظرها السحري ، وجمالها الخلاب ، واستنشق رائحتها الزكية العبقة .

تأمل في أصنافها ..... أنواعها .... ألوانها ..... أحجامها .

امشِ بين باقات الورود ، وإذا اشتهت نفسك وردة ، فلا تقطفها ، فقط انظر إليها من بعيد .

عطر الورود ،  قد نحصل عليه جميعا" بدون أن ندفع ريالا" ولا درهما" ولا دينارا" ولا قطميرا .

ستجدونه ، أو تحصلون عليه بدون مقابل ؛ لأنه سهل المنال لا يحتاج إلى مجهود عضلي ، ولا لمساومة التجار . !

ستجدونه مغلف بغلاف فاخر ، وإذا ما فتحتموه سيطل عليكم عطر الورود الحقيقي ، وهو بلا فخر : ( .... الكلمة الطيبة .... ) .

نعم ( الكلمة الطيبة ) التي قال عنها ربنا جل وعلا : ( ألم ترَ كيف ضرب الله مثلا" كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله  الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) سورة ابراهيم آية 24 ـ 25 .

الكلمة الطيبة عندما ينساب عبيرها الفواح في حنايا النفوس تشفي القلوب العليلة .

بالكلمة الطيبة كم رقت قلوب ما عرفت الله ، وكم سالت دموع كانت تعصي الإله .

بالكلمة الطيبة فتح المسلمون ما عجز عنه السنان .

بالكلمة الطيبة كم وكم تبددت من عداوات ، وكم وكم زاح الران عن الأفئدة .

قد تبحث عن الكلمة الطيبة فتجدها في تلك المجالس الزهرية ,,,, تجلس معهم فتفوح نسائم الورود العطرية بين جنبات المجلس .

أخبارهم عسل مصفى ..... كلامهم درر منثور .... قصصهم بلسم شافي .....مجلسهم روح وريحان ، وشذا عطري ينعش الأبدان .

الكلمة الطيبة هي َنفْحُ طِيْب ، وشذى عبير ، ونسيم وادٍ عليل .

الكلمة الطيبة هي نسمة رقراقة ، وخرير ماء عذب سلسبيل يروي العِطاش .

الكلمة الطيبة عذوبة ألفاظ ، وسلاسة أسلوب ، وديباجة حرير .

صاحب الكلمة الطيبة حَسَنْ السيرة ..... طَيِّبْ الأخلاق ..... عفيف اللسان ..... نقي السريرة ..... محمود الفعال ..... عالي المقام .

بالكلمة الطيبة قد تحصل على ما تريد ، فقط أحسن صياغة الكلمة حتى تجني ثمارا" يانعة .

قد تقول  :( لا أحد يفهمني .... لا أحد يحبني .... أنا غير مرغوب فيه ) !!!! .
إذن ابدأ بالعطية أنت أولا" ؛ فأعطِ الناس ما عندك من ورود عطرية لفظية متوّجة بكلمة طيبة ، سيعطونك باقات مخملية من الورود الزاكية بلا ثمن .

الكلمة الطيبة لما غابت ، أو فُقدت في مجتمعاتنا حلّت محلها الكلمة الخبيثة ، فاستفحل شررها حتى وصل إلى تنافر القلوب ، وزرع الأحقاد ، وتشتيت الأسر ، وتصدع البنيان ، وانهيار الأساس ، وفقد التآزر ، والترابط في المجتمعات .

الكلمة الطيبة اتخذها زادا" لك في هذه الحياة ، وكن كالنحلة لا تأكل إلا طيبا" ، ولا تخرج إلا طيبا .

قابل إساءة المسيء بكلمة طيبة ، وكأنك تهديه قول المولى جل وعلا : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) سورة فصلت آية 34 ـ 35 .

استشعر دائما" قول المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( الكلمة الطيبة صدقة ) متفق عليه .

لا تندم يوما" ما على كلمة طيبة نطق بها لسانك ، حتى لو أساء من أساء ، فلئن تحسن ويسيئون خير من أن تسيىء ويسيؤون .

لنتعلم فن صياغة الكلمة الطيبة !! .

رَتِّب الجمل والعبارات ، ورُشّ عليها نسمات شذية من زهور الربيع .

ازرع وردة في ظل شجرة ، وإذا نمت وترعرعت غلفها بكلمة طيبة ، ثم قدمها هدية لقريب ، أو صديق ، أو جار ، أو زوج ، أو زوجة ، أو ابن ، أو ابنة ..

الكلمة الطيبة منهاج حياة ، وفن من الفنون ، وأداة سحرية ، وقد تكون بالفعل هي عصا موسى ـ عليه السلام ـ بضربة واحدة تفجرت ينابيع الأرض ، وبضربة أخرى انفلق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم ، وبلحظة واحدة آمن سحرة فرعون .

تــــــــــلكم هـــــــــــــي : (( الكلمــــــــــة الطــــــــــيبة )) .

سقانا الله وإياكم نفحها ، وشذاها العطري أبد الآبدين ، ودهر الداهرين .

                                      ✒️ سلمى الحربي