دموع اليتامى .. !




كل دمعة تنهمر من عينك ، تجد لها من يضمد جراحها ولو بعد حين .

كل دمعة تنهال من عينك ، تجد لها يداً حانية ولو بعد حين .

كل دمعة تنساب على خدك ، تجد لها من يبدلها فرحاً ولو بعد حين .

كل هذه الدموع مهما هطلت لن تكون حرارتها ، ومرارتها تعدل شيء أمام : ( دمعة يتيم ) !!!! .

ذاك اليتيم الذي فقد أعز وأثمن كنز في الوجود ....... إنه فقد الوالد !!.

ذاك اليتيم الذي فقد حضن والده الدافىء ، وحنانه الذي يفيض رحمة ، وشفقة .

ذاك اليتيم الذي كلما تذكر صورة والده أمامه ، تفيض عيناه دمعة وراء دمعة ! .

كم من أيتام بللت دموعهم الثرى ، وتقطعت أفئدتهم منتظرين يداً مشفقة تمسح عبراتهم  ! .

اليتيم بشر كغيره من الأطفال يريد أن يلعب...... أن يلهو..... أن يرتمي في أحضان والده .

يريد لعبة يلعب بها حتى تعوضه مرارة الحرمان .

يريد مالاً يشبع بطنه الجائعة هو وإخوته الصغار.

يريد عاطفة جياشة ، ومشاعر دفاقة يشعر بعدها بالأمان .

لا أنسى أبداً ذاك الموقف الذي روته لي صديقتي : ( أنه لما بدأ العام الدراسي الجديد حضر والدها للمدرسة ومعه طفله الصغير ذو الست سنوات والذي سيكون في الصف الأول إبتدائي ، وكعادة كل الآباء يأتون مصطحبين أبناءهم معهم في أول يوم دراسي ...
لفت انتباه والدها طفل صغير يلمحه من بعيد ، يجلس وحده في ركن وقد أجهش بالبكاء الشديد ، فأتاه وقال له : ( ما الذي يبكيك طفلي الصغير ؟؟ ) فقال والدموع تملأ صفحة وجهه الصغير : ( كل الأولاد عندهم آباء ، إلا أنا ليس عندي أب !! ) ، فاحتضنه ، وقبّله ، وقال : ( أنا والدك يا حبيبي ) .

ومنذ ذلك اليوم قطع على نفسه عهداً أن يكفل ذاك اليتيم ، وها هو يقوم بإيصاله إلى المدرسة مع ولده ، حتى المصروف لم ينساه أبداً ، حتى أدوات المدرسة من حقيبة.... دفاتر... أقلام .. يقدمها له برضا وطيب نفس ، كذلك كل تكاليف كسوته..... طعامه.... شرابه يقدمها بلا تردد .

لا أنسى أيضاً تلك القصة التي رواها الشيخ عبد الله علي بصفر -  أمين عام الهيئة العالمية لتحفيظ القران الكريم - عندما سافر إلى باكستان لحضور مسابقة حفظ القرآن الكريم كاملاً حينما وجد من ضمن الحافظات بُنيات صغيرات يحفظن القرآن كاملا" عن ظهر قلب ، وهن يتيمات دون سن العاشرة ، فأخبره أحد الحضور بأن هؤلاء البُنيات منذ سنوات عديدة لم يخرجن من البيت ، ولم يجدن من يدخل السرور عليهن ، فرقّ ، وأشفق عليهن الشيخ عبد الله بصفر ، وقرر أن يصطحبهن إلى مدينة الألعاب الترفيهية في نفس بلدهن ، وكم كانت فرحتهن غامرة وهن ينطلقن لأول مرة في نزهة جميلة مليئة بالفرح ، فَرِحنَ كثيراً ، وفرح الشيخ عبد الله حينما أدخل السرور عليهن ، وعوضهن جزءاً من حرمان والدهن .

ياه ، ما أجمل أن يجد اليتيم يداً ترعاه ، وتمسح على رأسه ، وتكفكف دموعه ، وتبدله الأتراح أفراح .

لماذا - يا كِرام - طغى حب الذات على ذواتنا حتى صرنا لا نتفقد مواقع الأيتام ؟!.

لماذا طغى حب الذات على ذواتنا حتى إذا قيل لنا : ( اكفل يتيماً ولك الجنة ) قلنا : ( سوف ، وسوف ، وسوف ، ولكن ، ولعل ، وعسى ....!!) .

لماذا - أيها الرحيم - لا تكسر الحواجز ؛ فتصطحب يتيماً أو أيتام من قرابتك ، أو حتى من جيرانك ، تصطحبه معك في نزهة ترفيهية مع أولادك ؟!.

لماذا لا تُحسسه بطعم العيد فتشتري له كما تشتري لأولادك ؟!.

لماذا تحرمه من لعبة يراها في يد قريبه ، أو جاره ، وهو محروم منها ؟!..

لماذا لا تشعره بأنه طفل كغيره من الأطفال من حقه أن يعيش عزيزاً ، آمناً ، مطمئناً ، فرحاً مسرورا  ؟! .

هو من حقه أن يعيش طفولته بكل مراحلها دون أن يعكر عليه أحد براءة الأطفال .

اقرؤا ، لو شئتم حقوق الأيتام في الإسلام ، قراءة واعية متفحصة ؛ لتروا كم ضيعنا الأمانة ، وكم طوينا أعناقنا عن تعاليم ديننا السمحة حتى صرنا مسلمين بلا إسلام ، إلا ما رحم ربك .

رباه ، كن لأيتامٍ تخلى عنهم القريب والبعيد !! .
كن لأيتام ، شغلتنا أموالنا ، وأولادنا ، وأهلونا عنهم !! .
كن لأيتام ، تولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حَزَناً ألا يجدوا يداً تمسح عبراتهم !! .
كن لهم يا الله ، وسَخِّر لهم من عبادك من يكفكف دموعهم ، ويمسح على رؤوسهم ، ويبدلهم الأتراح أفراح .

                                         ✒️ سلمى الحربي
....