ما الذي يمنعك من الفرح ؟
الجواب بسيط جداً : هو التأجيل !! .
فالبعض لا يرى من دنياه سوى الجانب المفقود وما فقده هو في نظره سبب أحزانه ، والدليل على ذلك أنه حَرَّم على نفسه الفرح والسرور ؛ حتى يتوظف فهو عابس الوجه ، حزين مكتئب ، مقطب الجبين ينتظر بحرقه تلك الوظيفه حتى تأتيه ، وبعدها سيأذن لنفسه أن تفرح الآن بعد طول انتظار !! .
والبعض إلى الآن يعيش مراسيم دفن أفراحه حتى يمتلك ذلك البيت ويسكنه ، أو حتى يمتلك سيارة جديده ، أو حتى يتزوج ، أو حتى يرزق بذرية ، أو حتى يسافر كغيره !!! .
هؤلاء جميعاً حكموا على أنفسهم بالسجن في زنزانه مظلمه ؛ حتى تتحقق أحلامهم ، ومن ثم يفرجوا عن أنفسهم وينفضوا الغبار عن وجوههم ثم ينطلقوا بعدها فرحين مسرورين .
ما الذي يمنعك من الفرح قبل تحقيق أمنيتك ؟!
ألست تملك معظم مقومات السعاده ولكنك لا تراها لا بعين البصر ولا البصيرة ! .
لقد كنت معافى وغيرك سقيم يتأوه من الآلام !! وكنت في أمن وأمان و غيرك يكتوي بالحروب الطاحنة !! وكنت تغدو وتروح وتحيطك عين الله الحافظه !! وكنت تأكل وتشرب وغيرك ينام بلا كساء ولا طعام ولا شراب !! وكنت في نِعم لا تُحصى لكنك لا تراها ... !!! .
لقد حَرَمت نفسك من فرحة تملأ قلبك ، ومن بسمه ترتسم على شفتيك ؛ لأجل حلم لم يتحقق بعد ! .
عود نفسك على الفرحه حتى تعتاد هي عليك ، هذه تغريده متفائلة للشيخ سلمان العوده قرأتها منذ زمن وإلى الآن تُغرد تغريدته في ذهني .
نَعَمْ ، عَوِّد نفسك على الفرحه بالموجود ، ولا تنظر للمفقود فما فُقِد سيجبره الله ولو بعد حين ، وسيبدلك الله بعد العسر يُسرا ، هذا وعد الله ، والله لا يخلف الميعاد .
افرح بما آتاك الله ؛ فأنت في نعيم مقارنه بغيرك ، فلا تنظر إلى زاوية مظلمه ، وتغض بصرك عن زوايا مشرقه في حياتك ، ولا تدقق النظر في باب مقفل وقد فتح الله عليك أبواب مضيئة .
برمج نفسك على التفكير الإيجابي ، واللغة المتفائله ، واللسان الشاكر لرب العالمين ، ثم أحط نفسك بالمتفائلين وأمط عن طريقك المحبطين المتشائمين الظانين بالله ظن السوء ، ثم اعلم أن الحياة ما كملت لأحد حتى تكمل لك ، فإذا كنت تريد الكمال في كل شيء فهذا محال ، فأنت في دنيا ولست في جنة فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين!.
النعيم المقيم هناك في الجنة ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها ، أما في الدنيا فالنعيم الأكبر للمؤمنين المتبتلين ، الذين يعيشون في كنف الله ، الصادقين مع الله ، الراضين عن الله في السراء بالشكر ، وفي الضراء بالصبر .
رساله أخيره للمؤجلين سعادتهم لأجلٍ غير مسمى والذين أخذوا على نفسهم عهداً ألا يبتسموا حتى تتحقق أمانيهم أقول لهم :
وما أدراك بأن أمنيتك هي بداية سعادتك !! ربما تكون هي بداية شقائك!! فليست كل وظيفه تصلح لك ولا سيما إذا كانت مِنْ دَخْلٍ حَرَّمه الله !! وليست كل ذرية مصدر سعاده !! ولا كل زواج تكلل بالنجاح !! ولا كل بيتٍ سُكن ترفرف في جنباته هناءة العيش !! ثم إنّ هذه الأحلام قد تكون هي جزء من السعاده ، وليست السعادة بأكملها ؛ لذلك عود نفسك على الفرح من أبسط الأمور ، واخلق أجواء فرح لنفسك بأشياء سهله لا تكلفك شيئاً كإحتساء كوب قهوة ، أو قضمة شوكولاته ، أو رشة عطر ، أو زيارة قريب ، أو مهاتفة صديق ، أو الخروج في نزهة ، أو الذهاب لكوفي ، أو ممارسة السباحه ، وأروع السعادات على الإطلاق بعد القرب من الله ، هي الإحسان إلى الناس بجميل القول والفعل .
أُكرر لا تؤجل فرحتك ، فأنت تستحق السعادة حينما تقرر أن تكون سعيداً ، وحينها لا يستطيع أحد أن يعكر صفو سعادتك ، طالما رسمت بنفسك فراشات السعادة ترفرف من حولك .
✒️ سلمى الحربي
...