شاب نشأ في طاعة الله



كنتُ ذات مرةٍ أسير في ساحة الحرم المكي فسمعتُ من خلفي مجموعة من طلاب الحرم  أعمارهم ما بين ١٤ و ١٥ سنه ، يتناقشون حول حديث نبوي درسوه للتو في أكناف الحرم المعظم ؛ فيقول أحدهم :( هل سمعتَ الأستاذ اليوم لمَّا شرح الحديث الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ..  لقد ذكر الأستاذ كذا وكذا ).. وأكمل صديقه معقباً على كلامه ، ثم قاطعه آخر بلهفةٍ بادياً إعجابه بمضمون الحديث النبوي .

لم أعرف بالضبط ماهو نص الحديث النبوي الذي يتناقشون عنه ، فأصواتهم تختفي تارة وتعلو تارة أخرى لأن الضجيج في الحرم - أقصد الضجه الإيمانيه - المصحوبة بتزاحم بشري أفقدتني بعض أصواتهم .

غادرتُ الحرم وأدركت حينها أن جيلاً كهذا الجيل لن تهزمه الدنيا وقد نشأ في طاعة الله .

شباب صغار في عمر الزهور وفي بداية سن المراهقة أعجبهم هذا الحديث النبوي فوقفوا يتأملون دقائقه وكأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمامهم ينساب شهد حديثه أسماعهم ، فَسَرت ألفاظه في عروقهم واختلطت مع دمائهم .

لم يتناقشوا سوياً عن آخر لعبة إليكترونيه خطفت عقولهم ، ولا عن أحدث ما استجد من يوميات مشاهير السوشل ميديا ، ولا عن أحدث موديلات الأجهزة الذكيه ، ولا عن مباراة كرة القدم .

فِعلاً ، شتان مابين جيل تربى على سفاسف الأمور ، وبين جيل تربى في أحضان القرآن والسنه بين أبوين سقوهم من نمير الآي والذكر الحكيم .

حقاً ، ما دام فينا من يُعظم شرع الله ويربي في أبنائه أنّ القرآن والهدي النبوي هما حبلا الله المتين وهما النور المبين والسراج المنير  فلا زالت الدنيا بخير مادام فيها هؤلاء الخيرون .

أدعو الله تعالى أن يكون من نصيب هؤلاء الشباب الصغار هذه المكرمه الإلهيه التي بشرهم بها حبيبهم محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قال : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .. وذكر منهم : شاب نشأ في طاعة الله ) رواه البخاري ومسلم .

قصص كثيرة يحكيها الواقع عن شباب نشؤوا في طاعة الله في هذا الزمان الصعب والمحفوف بالفتن والملهيات ، وما ذاك إلا أنهم أدركوا كما أدرك والديهم أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة وأن الآخرة خير لهم من الدنيا .

                                          ✒️ سلمى الحربي