حينما ترتل قرآن ربك جل جلاله ، وتمر بك هذه الآية الجميلة : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ... ) تتذكر وأنت تتدبر معانيها بأن ابنة شعيب نبي الله - عليه السلام- حينما أكرمها موسى - عليه السلام - بسقي الماء جاءته تمشي بحياءٍ جم :( تمشي على استحياء ...) لم تأته الإثنتان مندفعتان كلتاهما معاً ؛ بل إحداهن هي التي جاءته تمشي بثوب الحياء كما امتدحها ربها حين قال :( تمشي على استحياء ) نوع المشيه بحياء ، وحياء آخر حينما لم تبادره بالشكر بلسان حالها ؛ بل نسبت الشكر لوالدها على جزيل كرمه معهم بكلمات مؤدبة :( إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ) .
نموذج رائع لخلق الحياء من بنات نبي من أنبياء الله شعيب - عليه السلام- سطره القرآن آيات تتلى إلى يوم القيامه .
هكذا يربي نبي الله شعيب - عليه السلام - بناته ولا غرو في ذلك ؛ فالأرض الخصبة لا تنبت إلا ورداً وريحاناً ينشر عبيره الزاكي في الآفاق .
المرأة تكون جذابة جاذبية تأسر القلوب ليس لجمالها فقط ، ولا لمالها ، ولا لمنصبها ، ولا لذكائها ، ولا لحسبها ونسبها ، ولا لتعليمها ، ولا لشهاداتها ، ولا لرشاقتها ، ولا لهندامها ! .
المرأة تكون جذابه ، بل ألماسه ، يخطف جمالها الأبصار حينما يكسوها ثوب الحياء جمالاً تراه العيون ، وتنبهر منه الأسماع ، وتنحني لرونقه الأفئدة ، وتخر لجلاله العقول .
تمشي على الأرض هوناً على استحياء ، لا تسمع لها صوتاً ، ولا جلجلة ، ولا جرس خلخال ! .
تطأطئ رأسها خجلاً عن أعين الرجال ،فلا تزاحمهم ولا يعتلي صوتها مسامعهم ..
خافظة جناحها لوالديها ، وللمؤمنات ، ولمن ولي أمرها .
ألفاظها كاللؤلؤ والمرجان ، وكنسيم الصباح حين يعانق قطرات الندى .
تلك صفحه مشرقه تحكي جمال بنات حواء الطبيعي بلا أصباغ ، وجمال بنات شعيب - عليه السلام - حينما كساهن الله بجلباب الحياء ..
تلك الصفحه الجميله حينما أقلبها لأصل لصفحه واقعنا المعاصر أتألم أولاً قبل أن أتكلم ! وتعلوني حسرة تتبعها حسرات ! وزفره تتلوها زفرات ! حينما أرى الإنسلاخ التام عند البعض من كل معاني الحياء أمام عيني ...!
ماذا رأيت ؟ وماذا يحكي واقعنا المتمثل أمام ناظري ؟ .
ما رأيكم بمن يتعالى صوتها على الرجال بلا ذرة حياء ولا أدنى خجل !!! .
وما رأيكم بمن تمازح الرجال في مقر عملها المختلط ، وتضحك معهم ، كاشفه لوجهها ومتبرجه بزينة !!! .
وماذا تقولون عمن ترفع صوتها على من رباها وعلمها ، وتتجرأ فترفع قضايا في المحكمه ضده ! .
والأفضع من ذلك عندما تخلع ثوب الحياء أمام الطبيب ؛ فتكشف ما أمر الله بستره ، وتلجأ لعمليات تجميليه يستحي الشيطان أن ينظر لها !! .
و أدهى من ذلك من خلعت الحجاب الذي أمرها ربها به وداست بقدمها عليه استهزاءً وسخريه بل واحتقار !! .
أما الأزياء العالميه فعالم يشهد انفلاتاً لكل معاني الحياء والحشمه والطهر والعفاف ، ولكم أن تأخذوا جولة في الأسواق ، أو جولة في الأعراس ؛ لتروا أجساد بأزياء شبه عاريه ، وبعضها تجاوز حدود الأدب إلى حد يدفعك لغض البصر على نساء مثلك حتى لا تمرض عينك بمنظر يقشعر له الجسد قبل العين .. !! .
ومنهم من وصلت للإنسلاخ التام من كل معاني الحياء بمظاهر وسلوكيات خادشه للحياء وهنا يخجل قلمي أن يسطر سلوكها أو يبوح بمدى ما وصلت له من جراءة تجاوزت فيها الحدود .
أتساءل أحياناً بمن خلعت ثوب الحياء ..؟!! .
لمن تنتمي هذه المرأة ؟ ومن وليها ؟ وما دوره ؟ وهل هو راض على جرأتها وانعدام حياءها ؟ !! .
لقد وصلنا الى زمن أصبح البعض ينعت من تتصف بالحياء بالمعقده ، أو المنغلقة ، أو الإنطوائية !!! .
ينعتها بذلك أدعياء السوء ، وتغريب المرأة ، ومن طبع الله على قلبه وسمعه وبصره فما عاد يفرق بين حلال وحرام !! .
دعيهم - أُخيتي- ينعقوا ويعود إليهم صدى صوتهم ويموتوا بغيظهم فترجمهم هذه الآيه :( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) سورة الكهف (٢٨) .
لا تغتري بمن باعت دينها لأجل بريق خادع ؛ فغداً سيجزي الإله كل فاعل بما فعل ؛ فإما إلى جنةٍ تجري من تحتها الأنهار ، وإما إلى نارٍ ذات لهب .
تمسكي بالوحيين - القرآن والسنه - فهما النجاة في زمنٍ أصبح القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر ، واسألي الله الثبات لك وللمسلمات فنحن في آخر الزمان.
✒️ سلمى الحربي
..