عندما لا تمسك زمام لسانك لمن هم حولك ؛ فتؤذيهم بسيء القول والفعل فلا تحترمهم ، ولا تؤدي حقوقهم ، وقد تشتمهم ، أوتنهرهم ، أو تفتري عليهم ، أو تظلمهم ، أو تحتقرهم ، أو تستهزئ بهم ؛ فالنتيجه كما أحزنتهم وضيقت صدورهم ، ستنعكس مرآة أفعالك عليك وفي المثل : (كما تدين تدان ) .
لا تتوقع أن تطرق السعاده بابك ، وأنت تتعمد إيذاء غيرك ، فتحفر في قلوبهم جراحاً داميه تنزف ألماً ، وعيوناً فاض دمعها فباتت مكلومه فارق أجفانها الكرى وهي تشتكي قسوتك ..! .
لا تنتظر أن تفتح لك الدنيا ذراعيها فتهنأ بعيشها وأنت جبار .. جواظ .. رعديد .. عتل .. ظالم .. مستكبر على خلق الله !! ..
كم من جبار عاث في الأرض فسادا فقصمه الله ! وكم من ظالم أسرف وتجبر في ظلمه فأهلكه الله ! وكم من فاجر طغى وتمادى فصبّ الله عليه سوط عذاب !
لا تغتر بصحك ، وقوتك ، ومنصبك ، ومالك، ولا تغتر بحلم الله عليك ، وأمهاله إياك ، فغداً يغضب المولى غضبه ؛ فيأخذك أخذ عزيز مقتدر !! .
كم سمعنا بمن كان فتياً معافى ، وهو ظالم لمن حوله قوياً رعديداً ؛ فابتلاه الله بالمرض- جند من جنود الله - فما عاد يشتهي من دنياه سوى العافية !.
وكم سمعنا بمن أغراه كرسيه ومكتبه ، حينما لم يحق حقاً ولم يزهق باطلاً ؛ بل كان خنجراً مسموماً لمن رأسهم ؛ فأذله الله بعد عز وانتزع منه كرسيه ! .
وكم رأينا بمن أكل أموال اليتامى ظلماً ، ثم قهرهم ، ونهرهم ، وأذلهم ، فأذله الله واستحق أليم عقابه !.
وكم سمعنا بمن ملك كنوز الدنيا ؛ لمَّا صرفها في الصد عن سبيل الله ، ونشر الرذيلة والفسوق ، أمهله الله فلم يرتدع ! ثم انتزع أملاكه فغداً فقيراً ذليلاً بعد غنى ! .
انظر لمن حولك نظرة تأمل وتدبر ، واسأل نفسك لماذا حل بهؤلاء غضب الجبار فانتقم منهم ؟ !! ثم خذ عظه وعبره منهم !! .
أين الأمم السابقة التي طغت وتجبرت ؟!!
أين من كانوا ساده ، وأهل قوة ، ونفوذ ؟!!
لقد أهلكهم الله !! فصاروا أثراً بعد عين ، وقصص تروى لمن بعدهم !..
أين عاد ، وثمود ، وأصحاب مدين ؟ !! وأين فرعون وهامان وقارون ؟!! وأين أبو لهب وأبو جهل وأبي بن خلف ؟ !!.
لقد أنزل الله عليهم شديد عذابه ، فصاروا أحاديث لمن بعدهم وعبر لأولي الألباب .
لقد حكى القرآن طغيان فرعون وألوان العذاب التي أذاقها بني إسرائيل ! ولما تمادى بظلمه هو وأتباعه كان جزاؤهم : ( فأغرقناهم في اليم بما كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ) سورة الاعراف آية ١٣٤ ، وعقاب آخر لفرعون أنْ جعل بدنه آية لمن بعده :( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ..) سورة يونس آية ٩٢ .
وكذا قارون كان عبرة لمن اعتبر ، لما طغى وتجبر وعتى عتواً كبيراً كانت نهايته : ( فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونهم من دون الله وما كان من المنتصرين ) سورة القصص آية ٨١ .
قرآن الله جلّ جلاله مليء بالعبر ، فمن كان له قلبٌ ينبض ، أو اذنٌ تسمع ؛ فليتعظ ، وليأخذ العبره مما حلّ بكل جبار في الأرض !! .
خذ عظه وعبره ، من هؤلاء ولا تتجبر ، فأنت لا تستطيع أن تدفع عن نفسك حمى أو زكام ، ولا تستطيع أن تصرف عنك طوارق الدهر أو حوادثه !! .
أنت ضعيف أمام ملكوت الله ؛ فتأدب مع من خلقك فهو الذي أمرك بالرحمه ، وخفض الجناح للمؤمنين ؛ فأنت في قبضتة ، فلا تتكبر عليه وتلوي عنقك أمام شرعه !! فاليوم حياة ، وغداً في الآخرة حساب وجزاء ، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور .
✒️ سلمى الحربي
..