كل مؤمن ملأ الإيمان قلبه ، يحدوه الشوق مرةً بعد أخرى لرؤية بيته العتيق زائراً ، أو معتمراً ، أو حاجاً .
يشتاق أن يطوف حول الكعبه سبعاً بقلبٍ خاشع ولسانٍ ذاكر .
يشتاق أن يقبل الحجر الأسود ويمسحه بيديه ، فتنحط خطاياه كانحطاط اوراق الشجر .
يشتاق أن يصلي داخل حجر اسماعيل كما فعل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم .
يشتاق أن يصلي خلف مقام إبراهيم بعد الطواف .
يشتاق أن يمد يديه ليدعو صوب الملتزم .
يشتاق أن يرتشف شربة هنيئة من ماء زمزم المبارك .
يشتاق أن يسعى بين الصفا والمروة سبعاً .
أشواق غامره تقطع أنياط قلوب محبي بيته العتيق فتترجمها دموع ساخنه تنساب على وجناتهم .
بأكناف الحجاز هوىً دفين
يؤرقني إذا هدت العيون
أحن إلى الحجاز وساكنيه
حنين الإلف فارقه الأنين
وأبكي حين ترقد كل عين
بكاءً بين زفرته أنين
أرأيتم شوقاً ينساب حنينه كالشوق لبيته المعظم ؟
تأتيه الوفود من كل قارات الدنيا ومن كل فجٍ عميق بلباس واحد أبيض كبياض الثلج ..
فقيرهم وغنيهم .. رئيسهم ومرؤوسهم .. قويهم وضعيفهم .. أبيضهم وأسودهم .. عربيهم وأعجمهم .
الكل سواء عند مليكهم وخالقهم ..
الكل سوياً يردد :( لبيك اللهم لبيك )..
لبيك ربي حباً وشوقاً وطاعةً وانقياداً .
لبيك ربي غافر الذنب وقابل التوب .
لبيك ربي عدد ما تلهج الألسنة بالثناء عليك .
جاؤوك يا إلهي نادمين تائبين معترفين بذنوبهم وأنت الغني عنهم فاقبل توبتهم يا إلهي وامح حوبتهم وابدل سيئآتهم حسنات كما وعدتهم .
لباس البياض يكسو صحن الكعبة بالمحرمين وكأنهم حبات لؤلؤ يخطف بياضها الأبصار .
يرددون :( لبيك اللهم لبيك ) لإلهٍ يستحق العبادة سبحانه جل في علاه .
يرددونها وصدى أصواتهم يعلو جنبات الكعبة ومنهم من تغرورق عيناه بالدموع لهيبة هذا المنظر وجلال الكعبة ومنهم من يبكي بنحيب يرجو ثوابه ويخشى عقابه .
لبيك ربي سمعاً وطاعةً ، يا عظيم يا جليلٍ ، يا سابق الإحسان وكريم النوال ، يامن لك الأسماء الحسنى والصفات العلا .
لبيك ربي ، وإن لم أكن بين الزحام ملبياً .
لبيك ربي .. لبيك ربي .
✒️ سلمى الحربي
..