الله سبحانه وتعالى فطر بني آدم على الخطأ ، فكل ابن آدم خطاء ، والخطأ وارد ، ولا سبيل لنفي الخطأ عن النفس إلا للمعجب بنفسه المتعالي على خلقه .
عندما يخطئ في حقك صديق أو أخ أو مدير او قريب أو زوج وزوجته فتقبل خطؤه ولا سيما إذا كان غير متعمد ، فالحياة لا تصفو لك مدى الدهر كما تشتهي فاحتمل من أخطأ في حقك ولا داعي للمناظرة وجهاً لوجه كلما نطق ناطق أو انبرى لك سفيه .
مرر تلك الكلمه المؤذيه التي طرقت أذنك فكأنك ما سمعتها ..
تجاهل ذلك التصرف الذي رأيته فكأنك لم تراه .
تغابى عن ذلك الموقف المنرفز وكأنك ما رايت ولا سمعت
اصمت عن ذلك المؤذي ولا تتفوه بكلمه واحده .
تنازل وكأنك أنت المخطئ .
لا تدقق .. لا تجادل .. لا تركز .. لا تتصيد .. اضبط أعصابك .. !!
إهدأ ... تروى .. تنفس بعمق ..توضأ ...غادر مكانك ..صل ركعتين .. اصبر ..كن حليماً .
ثم اقرأ سيرة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي لاقى أصنافاً من الأذى ممن ناصبوة اشد العداء من كفار قريش ، وانظر كيف كان احتماله للأذى حتى إن الله تعالى سطّر في كتابه آيات بينات تدعوه للتخلق باحسن الاخلاق مع من يعاديه : ( واصبر على ما يقولون ... ) ، ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ) ( ولمن صبر وغفر إنّ ذلك لمن عزم الأمور ) ( فاصفح الصفح الجميل ) .
لن تستقيم لك الحياة إذا كنت لا تهدأ ويستفزك أتفه موقف ، فليس من اللائق أن تمطر خصمك بوابل من الحجارة لأجل أنه رماك بحصاه صغيرة .. وليس من الأدب أن تقارع ندك سيفاً بسيف ... وليس من الحكمة أن تلقي على النار مزيداً من الحطب بدل أن تخمدها بالماء !!! .
إذا كان علاج السيئة في نظرك سيئة مثلها فمتى بربك تنتهي السيئة !؟ ومتى تنتهي الحرب الضروس إذا كان كلا الطرفين يرى أنه لم يخطئ ؟!!! .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
لقد أسمع القول الذي كلما
تذكرنيه النفس قلبي يصدع
فأبدي لمن أبداه مني بشاشة
كأني مسرور بما منه أسمع
وماذاك من عُجبٍ به غير انني
أرى ترك بعض الشر للشر أقطع
هذا شعر يفيض حكمه للشافعي رحمه الله أحد الأئمة الأربعه والذي اتخذ القرأن والسنه منهج حياة ، وما نراه اليوم من مدعيَّ تطوير الذات والذين امتلأت كتبهم ( كيف تستفز من يعاديك ؟ وكيف تكون قوياً رعديدا .. ؟ وكيف تفحم خصمك ؟ وكيف يهابك الناس ؟ وكيف وكيف .... ) هذه كلها تدمير للذات وليس تطوير ، فبعض الكتب مترجمة لأناس كفار لا يحتكمون لقرآن ولا سنه ، فالإنسياق وراء سٍحر أقلامهم لن يبني لنا أسراً مترابطه ، ولا أخوه متحابه ، ولا أفراد متآلفين ولا مجتمعات متكاتفه !!!! .
وفي حالات نادرة يصل الشخص لمرحله وقد فقد السيطرة على نفسه من شدة التحمل فصبر وصبر وتحمل المزيد سنوات وسنوات ، فهذا بإستطاعته أن يكون آخر العلاج الكي ، ففي بعض الحالات يكون الطلاق علاج ، وفي حالات يكون الهجر بين الأصدقاء أو الجيران حل بشرط ان يكون هجراً جميلاً بلا أذى ولا عتاب .
اختم بتكرار ما قلت في البدايه : ( لنحتمل بعضنا قدر ما نستطيع ، فلسنا مخلدون في دنيا فانيه ، ولنترك أجمل أثر ؛ ليشفع لنا في جنه الخلد مع زمرة أولئك العافين عن الناس الذين أكرمهم الله وأثنى عليهم بين الخلائق ) .
✒️ سلمى الحربي
...