نحن جميعاً لو فكَّرنا في دنيانا ، سنجد أننا لن نخلد فيها مدى الدهر ، فاليوم أحياء نرزق ، وغداً تحت التراب وحدنا نتمنى ان نرجع إلى الدنيا لنعمل حسنه واحده !! .
وما دام أنك الآن تتنفس على أرض الله ، وتنعم بخيراته ، فاحمد الله تعالى ، وتدارك ما تبقى من عمرك ، فضع لك بصمه في دنياك تشفع لك في آخرتك .
على قدر استطاعتك اترك لك أثر في دنياك ، فإذا كنت ذا مال ، فالله الله بأفعال ترضى خالقك ، كبناء مساجد ، أو دور للتحفيظ ، أو مدارس ، أو مشافي ، او حفر آبار ، أو غير ذلك .
ومن أهل الخير من يساهم في فعل الخير بسهم ويشارك غيره الأجر في اوقاف وصدقات جارية .
ومنهم من يدلك على أجر لا ينقطع ، والدال على الخير كفاعله كما قال عليه الصلاة والسلام ،
ومنهم من يجوب القارات داعياً إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، وكل آماله هداية الضالين ، وإيقاظ الغافلين .
وآخرين كانت أقلامهم نبعاً صافياً ، وجداول رقراقه يٌذكر فيها اسم الله كثيرا .
وأقوام أفئدتهم كأفئدة الطير ، يرسمون البسمة على شفاه الأيتام ، والمساكين ، والفقراء بطعام ، أو كساء ، أو ماوى .
وكذا معلم الناس الخير ، ينسج بعلمه وتقواه أثواب الفضيله ؛ ليخرج من تحت يديه ثمار يانعه شعارها تعظيم القرآن والسنه النبوية .
ومنهم من فطر صائما ، فكان له مثل أجره ، سواء في رمضان ، أو يومي الإثنين والخميس ، أو الأيام البيض طوال أشهر السنه .
ومنهم من أطعم جائعاً ، وسقى ظمآن، وكسا عارٍ .
وذاك الذي يقطر لسانه شهداً مصفى ؛ ليجبر كسير أو ينصر مظلوم ، أو يواسي مكروب ، بكلمات طيبه تشفي العليل .
وهذا الذي يعمل تطوعاً ، فلا يقتضي أجراً دنيوياً نظير أتعابه ، ليرجو الثواب الجزيل من لدن رب كريم .
وذاك الذي ربى ذريته على حب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمهما ، وحب الخير للناس جميعاً ، فكان أبناؤه صالحين مصلحين ، هادين مهتدين .
ومنهم من سقى طائر ، او بهيمه ، ونثر القمح والطعام لدواب الارض ، وطيورها ، وخشاشها .
كل هؤلاء تركوا بصمات رائعه ؛ ينتفع بها غيرهم ، فهم يحرثون في دنياهم ؛ لينعموا بما حرثته أيديهم في آخرتهم ، لأنهم يعلمون أن الجنة هي دار الخلود ، والنعيم المقيم ، فمنتهى آمالهم جنة مفتّحة لهم الابواب ؛ ليدخلوها بسلام آمنين ، فاللهم اجعلنا وإياكم من أهلها .
✒️ سلمى الحربي
...