أنت عندما تعطي من مالك او من وقتك بلا مقابل لتسعد فقير ، أو تروي ظمأ مسكين ، او تواسي حزين ؛ رغبة في حب العطاء ، وفي نيل الأجر من رب العالمين ، ستشعر بسعادة غامرة ، وفرحة تملأ قلبك ؛ لأنك أسعدت غيرك ؛ فأسعدك الله جزاءً وفاقا .
ولا يمكن أن يعطي من اتصف بالبخل الأخلاقي والبخل المالي ؛ لأن البخل والعطاء ضدان لا يجتمعان ، ولذلك تجد البخيل بأخلاقه وبماله من أضيق الناس صدراً ، وأكثرهم نفوراً من الخَلقِ أجمعين .
جرِّب أن تعطي مرة واحده بلا مقابل ، وستجد نفسك تعطي مرات ومرات ومرات ؛ لأن العطاء أكسبك راحة نفسيه ، وطمأنينه ذاتيه ، وتيسيراً لأمور حياتك ، وتوفيقاً يتبعه توفيق .
لقد كان نبي الله محمد - عليه الصلاة والسلام - يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، وكذا صحابته من حوله رضي الله عنهم أجمعين ، فهذا طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه كان تاجراً واسع الثراء ، ولما جاءه من حضرموت مالاً مقداره (٧٠٠ ألف درهم ) بات ليلته مغموماً فكانت زوجته كلثوم بنت أبي بكر تقول له : ( وما يغمك من هذا المال ؟ ) فيقول : ( كيف لرجل أن يبيت وعنده هذا المال ! ) فكانت تقول له : ( أين أنت من الفقراء والمساكين ؟ ) فلما أصبح الصباح جعل هذا المال في صُرر ، ووزعه على فقراء المهاجرين والأنصار ؛ ليمسي ليلته وليس معه درهماً واحداً .
ولما أَسَر المسلمون سفَّانه بنت حاتم الطائي كانت تستعطف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليفك أسرها ، فكانت تقول له : ( أنا ابنة سيد قومي حاتم الطائي ، كان أبي يفك العاني ، ويطعم الجائع ، ويقري الضيف ، ولا يرد سائلا طلبه حاجه) فأكرمها النبي _ صلى الله عليه وسلم _ بفك أسرها ؛ إكراما لعطاء والدها فقال : ( خلوا سبيلها فإن أباها كان يحب مكارم الاخلاق ) وهي أيضاً كانت محبة للعطاء كوالدها ، ولما وهبها أبوها ( ٤٠ ناقه) قامت من ليلتها فوهبتها للفقراء بأكملها دون أن تبقي لها ناقه واحدة .
ومن نسل حاتم الطائي ، أهل الكرم والجود وحب العطاء ، أهل مدينة حائل شمال المملكة العربية السعوديه ، والذين اتصفوا بالكرم الحاتمي والكل يشهد لهم بفيض العطاء والجود .
ومن بركات العطاء تجد أن الله يفتح لك أبواب للخير أخرى ، وكذلك بركة في صحتك ، ووقتك ومحبة إلهيه ، تتبعها محبة أهل الأرض .
وهناك فرق كبير بين من يعطي لينال الأجر من الله تعالى ، ومن يعطي لينال ثناء الناس ومدحهم ، فالأول سيلقى ثناء الله وثناء الخلق ، أما الثاني فلن ينال سوى ثناء الناس ، وسيأتي عليه وقت ويقول : ( أتْلفتُ مالي ، وبددتُ ورقاتي ، فما لقيتُ سوى الجحود ، ونكران الجميل !! ) وقد يتوقف عن العطاء ؛ لأن مطلبه من ثناء الناس لم يرضِ نفسه المترعه بحب الإشاده ، والإشارة إليه بالبنان !! .
✒️ سلمى الحربي
..