مع الخيل يا شقرا !



هذا مثلٌ يُضرب لمن يُقلد البشر في كل شيء دون أن يُحَكِّم عقله !

ويا ليته يُقلد في شيء ينفعه ، أو على صواب !! بل على النقيض تماماً ، يسير حيثُ سار الناس ، ولو في الإتجاه المعاكس !! .

بالفعل تجد أناساً تتعطل عقولهم بمجرد أن يفعل المشهور أو المشهورة أمر ما ، فيُسارعون إلى محاكاتهم شِبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، ليس فقط تقليد المشاهير ، بل التقليد الأعمى لكل ظاهرة أخذت مكانها من تصفيق الجماهير على باطل !! .

لقد انتشرت مع الأسف ظاهرة الوشم وبقوه ، سواء لرجال أو نساء ؛ لأن بعض المشاهير الذين يتابعهم زيد أو عمرو ، نَقشوا على سواعدهم وأذرعهم الوشم ، فتعطلت عُقولُ من يتابعونهم ، فحاكوهم ، وطفقوا يرسمون أصنافاً من الوشم على أيديهم وأذرعهم ، وكأنهم ما سمعوا في حياتهم قط قول رسول الله ﷺ : ( لعن الله الواشمه والمستوشمه ) رواه البخاري ، وبعضهم سَمِعَ ، وفَقِه ، وأدرك ، وعَلِم ، وتَعَلَّم ، لكنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة !! .

أما البذخ في حفلات أعياد الميلاد ، وعيد الحب ، وعيد رأس السنه ، وسخافة الإحتفال بتحديد جنس المولود أمام الملأ ، فلا أدري من أين أبدأ ؟ أأبدأ من اعتزاز هؤلاء بهويتهم الإسلاميه التي انحدروا بها إلى أسفل سافلين ، أم أبدأ بمن غاب عقله ، وتعطل تفكيره ، فانساق وراء مظاهر لا يقرها دين ولا مبدأ ؟ .

وكذا أيضاً ، تشبه الشباب بالنساء في تطويل الشعر ، وصبغ خصلاته ، أو قَصُّهُ بقصات تفوق جمال قصَّات الإناث ! .

وكذا انتشار قَصَّة القزع بين الشباب ، وهي نحت بعضه ، وترك بعضه ، تشبهاً بلاعب الكره الفلاني ، أو الممثل الفلاني ! .

أما المراهقات ، ومن تجاوزت سن المراهقة بسنوات ، أو قاربت على أزمة منتصف العُمر ، فكنا نرى بعضهن بغطاء للوجه قبل سنوات ، والآن تنازلن عن الغِطاء والسبب : ( جُلُ النساء يفعلن هكذا ! ومع الخيل يا شقرا ..) .

مسكين من انجرف وراء اللاهين ، فتعطل تفكيره عن العمل ، فما بقي سوى جمجمة أثقلت جسده النحيل ! ، ولو سألته لِمَ تفعل هذا ؟ وهل أنت راضٍ عما تفعل ؟ لقال بلا تفكيرٍ ولا تروٍ : ( الناس كلهم يفعلون هكذا .. ) وكأنَّ الناس مرجعه عن كل سلوك يسلكه ، أو كأن الكثرة تعني في نظره الصواب ؛ حتى لو تغلغل الباطل من بين أيديهم ومن خلفهم ، ولذلك قال المولى جل في علاه :( وإن تُطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله . إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ) سورة الأنعام آية ١١٦ .

كما أنَّ الله تعالى ذم أولئك النفر الذين كانوا يقولون : ( وكنا نخوض مع الخائضين ) سورة المدثر آية ٤٥ ، أي كانوا يخوضون في الباطل وفيما يكرهه الله مع أهل الباطل ؛ فيحاكونهم فيما لا يرضاه الله تعالى .

لقد ميزنا الله سبحانه وتعالى عن باقي المخلوقات بالعقل ، وفضلنا على كثيرٍ ممن خلق تفضيلا ، فلماذا نُعَطِّل ما ميزنا الله به عن غيرنا ؟ ، ونقلد وبقوه بلا تفكير ، وكأننا بلا هوية إسلاميه تميزنا عن غيرنا ! .

حَكِّمْ عقلك ، وانظر لِما رأيتَه نظرة تدبر ، وتَفَكُّر ، وإعمال عقل ، ثم اسأل نفسك ؟ هل الله سيرضى صنيعي وأنا أنساق وراء الباطل ؟ ، وهل ما رأيته يوافق ديني ، ويجعلني أزيد اعتزازاً بهويتي الإسلامية ؟ .

إذا كان ما رأيته صواباً ، ويوافق ديني فَحَيَّهَلا به وأهلاً وسهلاً ، أما مظاهر لا تَمُتُ لديني ، فليس من الأدب مع الله أن نقلد من لا خَلاقَ لهم في الدنيا ، ولا في الآخرة .


                                      🖋 سلمى الحربي

....