قبل أن تسلك أي سلوك ، خذ نفساً عميييقاً ، واسترخِ جيداً ، وفكر فيما تنويه من سلوكيات ، تفكيراً متزناً ، ثم اسأل نفسك ، هل أنتَ راضٍ عما ستفعله ؟ وهل ربك راضٍ عما ستفعله ؟ .
سلوكيات ما أكثرها ! ونحن نتجاوز فيها حدود الأدب مع الله ، وحدود الأدب مع خلقه ، وحدود الأدب مع أنفسنا !!! .
فحين يُؤذن المُؤذن : ( حيَّ على الصلاة . حيَّ على الفلاح ) وأنت تمسك بيدك جوالك ، وتتأمل مشاهد ، ومدونات بالصوت والصورة ، ولا زال المؤذن يصدح بأذانه في سماء الكون ، وينتهي الأذان ، ويصلي الناس في جماعة المسجد ، وأنت لا تزال مُستغرق على جوالك ! فهل يا تُرى اهتز ضميرك ؟ وهل استيقظ فؤادك لسماع الأذان ؟ ، أم أنَّ الدنيا هي أكبر همك ؟؟؟ .
وأنت الذي تغيبُ عن والديك شهوراً طويلة مع أنهم في نفس مدينتك ، فلا تُفرحهم بزيارة ، ولا بكلمه لطيفه ، ولا بتفقد حاجياتهم ، ولا بمالٍ يواسي فقرهم ، فكيف ترجو التوفيق ، والفوز ، والفلاح ، والعقوق يسري في دمك ! ، وقد قرن الله حقه بحق الوالدين : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا ) سورة النساء آية ٣٦ .
مشغول بزوجتك وأولادك ، ومُهمل لمن تعبتْ على تربيتك ، حتى غديت رجلاً ، فبدل أنْ تُكافأها بالبر ، تكافأها بالعقوق ، ونكران الجميل ، فما أقسى قلبك ، إي والله ما أقساااااه !!! .
وذاك الذي أنعم الله عليه بوفرة المال ؛ حتى تزاحمت أرصدته بالملايين ، ثم بخل على فقير محتاج ، وبخل على مسكين بائس ، وبخل بالزكاة على مستحقيها ، وقد تناسى الوعيد الشديد في كتابه الكريم لمن هو على شاكلته : ( والذين يكنزون الذهب والفضه ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم . يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباهم وجنوبهم وظهورهم . هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) سورة التوبة آيه ٣٤ ، ٣٥ .
أما الذي تأتي المناسبات وتروح ، ويأتي رمضان ويروح ، ويأتي العيد ويروح ، وتتوالى الأيام وتروح ، وهو قاطع لرحمه ، فلا يعرفهم لا بإتصال هاتفي ، ولا بزيارة ، ولا بحضور مناسباتهم ، ولا بمعايدتهم بالعيد ، فهذا والعياذ بالله ، توعده الله باللعن والطرد من رحمة الله : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) سورة محمد آية ٢٢ ، ٢٣ .
أما الزوج الذي هو خارج بيته ومع أصحابه ضاحكاً ، مسروراً ، خفيف الظل ، وداخل بيته مكفهر الوجه ، عبوساً قمطريرا ، عالي الصوت شديد البأس ، فهذا - مع احترامي الشديد - لا خير فيه ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي وصححه الألباني ، ويقول - عليه الصلاة والسلام - في حجة الوداع : ( استوصوا بالنساء خيرا ) متفق عليه ، ويقول : (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقا ، وخياركم خياركم لنسائهم ) رواه ابو داود والترمذي .
فهذا أرجو أن يعيد حساباته مع نفسه قبل فوات الأوان ، وقبل أن تقول نفسه : ( يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ) !! .
وذاك الذي تولى هذا المنصب العالي ، والمكانه الجليلة بين الناس ، يجلس على مكتبه جلسة المتكبر الشامخ بأنفه ، ليس ذلك فحسب ، بل ينظر لمن تحته نظرة دونيه من موظفيه ، فهو يشتم هذا ، ويرفع صوته على ذاك ، ويستهزئ بذلك ، ويظلم هؤلاء ، ولا يراعي حق مريضهم ، ولا ضعيفهم ، ولا فقيرهم !!!
فالله سبحانه وتعالى سيسأله عما فعل برعيته جزاءً وِفاقا ، مصداقاً لقول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - : ( ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيه يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حَرَّمَ الله عليه الجنة ) متفق عليه .
وبعد .. قِف هاهنا ، لحظة من فضلك ✋️ ، وقل لي بربك ، مالذي غرك بربك الجليل ؛ حتى تسعى في الأرض : ( مُضيعاً لحق مولاك ..عاقاً لوالديك .. قاطعاً لرحمك ..قاسياً على زوجتك .. ظالماً لمن حولك ؟؟) .
متى ترعوِ ، وتعود إلى عتبة مولاك ؟ ، ومتى يلين قلبك ، ويرق فؤادك ؟ ومتى تقف وقفة محاسبة لنفسك ، وتعترف بما جنته يداك ؟ ، ثم تعزم عزيمه صادقه إلى العوده إلى مولاك ، الذي يدعوك صباح مساء إلى الإحسان إلى خلقه ، ويدعوك إلى خير العمل وخير القول ، وخير الدنيا والآخرة ..
✍️ سلمى الحربي
...