معادن لا تصدأ

 


ليس هناك أثمن ولا أنفس من الذهب والفضه والألماس ، معادن يلوح بريقها في الآفاق فتأسر القلوب جمالاً .

معادن ثمينة فرضت نفاستها ، فانحنى لها الراغبُ خضوعاً ولو كانت بغالي الأثمان .

 تلك المعادن لا تصدأ ، فلا يليق بمثلها إلا البريق واللمعان والجمال الفتَّان .

ومعادن أخرى وأخرى ، غير تلك المعادن ، أصيله نفيسه ، تحيا وتعيش بيننا ، فلا يزيدها تقادم الزمن إلا نفاسةً وبريقاً يأسر الأبصار جلالاً .

أترى ذلك المعدن النفيس كباقي بعض المعادن الرخيصة يتغير أو يتبدل إذا ادلهمت الفتن ؟! أو تبدل الحال من رغد عيش إلى ضيق حال ؟!.

كلا ورب الكعبة ، فلا المالُ يجعله يتبختر في مشيته ، ولا المنصب يصنع منه تعالياً على العباد ، ولا حسب ولا نسب ، ولا ثناء الخلائق يجعله شامخاً بأرنبة أنفه .

أصالةُ معدنه الثمين مُبرَّأ من أحقاد دنيوية ، وتحاسد ، أو تنافس على عرضٍ من الدنيا زائل .

جوارحه تسجد جلالاً لمن خلق تلك الروح فأحسن خلقها ، وأبدع صُنعها ، فالعين تغض طرفها عما حرم المولى ، والأذن واللسان تفيضان طُهرا فلا يدنسهما مَأثَم .

لا يخيفه جبَّار ، ولا قهَّار قدر ما تخيفه آيات الوعيد في محكم القرآن .

وقَّاف عند حدود الله تعالى ، فلا يركع ولا يسجد  ولا يخفض جبهته إلا لله رب العالمين ..

ليس بصَخَّاب ، ولا لعَّانٍ ، ولا فاحشٍ ، ولا بذيء .

مُغرمٌ بحب اليتامى والمساكين ، وراحمٌ يرحم الثكالى والأرامل والضعفاء .

إنْ ناله البلاء من ربٍ رحيم ، تاقتْ روحه لرضا ربٍ قدَّر وقضى وحكم فعدل ؛ لعله بذاك يرقى لفردوس جنةٍ عالية قطوفها دانيه .

أتُراكم ستقولون بعد هذا كله ، تلك الأوصاف لا تليق إلا بأهل الجِنان ، ولا نراكِ إلا وقد وصفتِ محمداً نبينا ، وصحبه الكرام ! .

أقول حقاً ما وصَفْتْ ، وهؤلاء عُباد الرحمن يمشون على الأرض هوناً ، وغايةُ آمالهم رضا المولى تعالى ..

نادرون كنُدرة المعادن النفيسه ، قابضون على دينهم كالقابض على الجمر ، صالحون ومصلحون وإن فسد الناس في آخر الزمان .

هنيئاً لهم الثبات في زمن الفتن ، وهنيئاً لهم روح وريحان ومولى راضٍ غير غضبان .

                               

                                       ✍️ سلمى الحربي

...