الحرية ليست باباً مفتوحاً على مصراعيه يَعبرُ منه أهل المزاج ، وأهل الأهواء ، وإنما هي مقننه فهناك حريات مطلقه ونسبية بعض الشيئ ، وهناك حريات غير مطلقه ، فأنت من حَقك أن تعبر عن رأيك بحريه ، ومن حقك اختيار شريك حياتك الذي تراه مناسباً لك ، ومن حقك حرية التملك ، وحرية التصرف في مالك ، وحرية الملبس ، وحرية المسكن ، و حرية العلاج ، إلى غير ذلك .
حتى حرية التعبير ليست على إطلاقها ، فليس من حقك التقليل مِنْ احترام مَنْ أمامك ، وليس من حقك التشهير ، أو التجريح لمن لا يوافق هواك على منبر وسائل التواصل الإجتماعي وأمام الملأ ، فهذه ليست حريه وإنما وقاحه !.
وليس من حقك أن تُصادر حريات الآخرين وتتعدى حدودك ، وليس من حقك أيضاً قتل ، أو سلب ونهب ممتلكات الغير ، أو تخريب المنشآت ، أو التعدي على قانون دولتك ، لأنك ستُعاقب على تجاوز حدودك .
وليس من حقك أن تقول أنا حر ؛ فتفعل ما نهاك الله عنه ، وتجتنب ما أمرك الله به ، فأنت بالطاعه مأجور ، وبالعصيان آثِم .
فمن قال : ( أنا حر سأزني .. سأشرب الخمر .. سأخلع حجابي بالنسبة للمرأة .. سآكل الربا .. سأقتل .. سأشهد الزور .. سآكل أموال اليتامى .. سأُعنف زوجتي وأولادي .. لن أصلي ، ولن أحج ، ولن أصوم ...الخ ) نقول له القرآن والسنه مصدر تشريع إسلامي ، وليس لك أن تخالف نهجهما طالما ارتضيت أن تكون مسلماً .
ولذلك تجد الدول التي لا تتحاكم للكتاب والسنه وتشرع القوانين الوضعيه التي حاكتها أيدي البشر تتخبط في دياجير المتاهه ، فهذا الغرب بحضارته المزعومه أعطى الفرد حرية مطلقه فكانوا أشبه بالأنعام التي لا تعقل ، ومن فرط الحرية المطلقة تزايدت نسب الإنتحار فيمن يسمون أنفسهم متحضرين ، فهذه دُور الحضانات تمتلئ باللقطاء الذين وُلدوا ولا يعرفون لمن ينتمون ؛ حتى تفشَّتْ فيهم الطواعين والأمراض التي عجز الطب الحديث أن يجد لها علاجاً ، ولا علاج لها سوى الإسلام لو كانوا يفقهون ! .
الإسلام لم يلجم حرياتنا ، وإنما ضبطها بقانون عادل فيه الخير والفلاح ، فما أمرنا بأمر إلا وفيه الخير كل الخير لنا ، وما نهانا عن أمر إلا وفيه الشقاء والعَنَتْ .
وبعد ، فهذه ينابيع القرآن والسنه ، فيها موارد الظمآن ، وشفاء الأرواح والأبدان ، والإرتقاء بالنفس البشريه إلى عنان السماء ، فانهلوا من معينها الفياض ؛ لتنالوا فردوسها الأعلى .
✍️ سلمى الحربي
...