قُم وحيداً

 


قُم وحيداً من بين هؤلاء البشر ، وانفض الغبار عن نفسك ، وقِف وقفه جاده ، وحكم عقلك ؛ فأنت مسؤول عن نفسك ولست مسؤولاً عن غيرك !! .

هذه الحياة بكل ما فيها من متاع تقول لك :( انهض ، وقم وحيداً ، تُكابد ، وتعمل ، وتجد ، وتجتهد ، وتصنع لك مستقبلاً باهراً ) .

قم من بين هؤلاء الكسالى ، وارفع همتك ، وذاكر دروسك أولاً بأول ، فالنجاح يحتاج إلى همه وعزيمه ومثابره ؛ لتصل إلى مبتغاك ، وتحمل شهادتك ، ودرجاتك تشهد لك بالتفوق أيها المتفوق .

وإذا الناسُ كانوا نياماً تحت لحافهم ، وداعي الله يؤذن لصلاة الفجر : ( حي على الصلاة . حي على الفلاح ) فانهض وحيداً من فراشك وتوضأ ، لتقابل ملك الملوك مع عباده الصالحين في صفوف المصلين بالمساجد ؛ لتفوز ببشرى جميله من حبيبك محمد ﷺ:( من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله) رواه مسلم .

ومع هؤلاء الكثرة واللاهين في دنياهم بضياع أوقاتهم في لهو باطل ، وترهات سخيفه ، وأفعال لا ترضي الله تعالى ، فأنت من بينهم انهض وحيداً ولا تُبالِ بهم ، واملأ حياتهم بالإنجاز ، والعمل ، وتطوير ذاتك فيما ينفعك ؛ فحياتك مِلك لك وليست لهم .

وإذا أحسستَ أنك ستقع في مستنقعات ، وأوحال أصدقاء السوء بما يزينونه لك من حُسن أفعالهم القبيحه ، فتمالك نفسك ، وقم وحيداً من بينهم ، وانبذ عنك مجالستهم وصحبتهم ، فلا خير فيهم ، ولا في يومٍ قضيته معهم ، واستبدل صحبة الأشرار بصحبة الأخيار الذين يُضيؤون حياتك بأطيب الفِعال .

وإذا كنت ترى العابثين في أوقاتهم بتضييعها على مواقع التواصل الإجتماعي بلا فائده ، فقم وحيداً من بينهم ، واقرأ وردك من القرآن ، وبر والديك واقضِ حوائجهم ، وتفنن في رضاهم ، وأدي حق أسرتك ، وساعد المسكين واليتيم ، واقرأ لك كتاباً نافعاً يضيف لك تجربة وإضافه جيده في حياتك  .

وإذا أحسست أن الدنيا أظلمت في عينيك ، وتكالبت عليك الهموم ، وضاقت عليك الأرض بما رحبت ، فقم وحيداً ، وصل ركعتين ، وانهض والبس إحرامك ، وتوجه لمكه بقلبك ، وإذا وطِأتْ قدماك ثراها فطُف حول الكعبة المشرفه سبعاً ، ثم اسعِ بين الصفا والمروة سبعاً ، وارفع يديك بالدعاء إلى مولاك ، وتبتَّل إليه كثيراً ، واروِ عطش روحك بشربةٍ هنيئة من ماء زمزم المبارك ، ثم صلِ صلاة خاشعه مع الإمام في حرم الله الآمن ؛ لتفوز بمائة ألف صلاة مقابل صلاة واحدة بالحرم .

أما تلك المجالس التي تتعالى فيها الضحكات والإستهزاء بعباد الله ، والإنتقاص من قدر فلان وفلانه ، وتتبع عورات هذا وذاك ، فتلك مجالس قذرة تنفر منها ملائكة الرحمن ، فبادر وقُم وحيداً من بينهم ، وسارع بمغادرة مجالسهم لتنجو من الآثام  .

لو فكرت وأطلت التفكير في نفسك ، ستجد أن الله خلقك وحيداً في بطن أمك ، ووُلدت وحيداً ، وستموت وحيداً ، وستدخل قبرك وحيداً ، وستُحاسب عن نفسك وحيداً ، وستُسأل وحيداً بين يدي الله ، لذا ازرع جميلاً في دنياك ؛ لتحصد نعيم الجِنان في مقامِ عالٍ عند مليك مقتدر .

                                  ✍️ سلمى الحربي

....