مكانكِ البيت ، اطبخي واغسلي ! ..
فِعلاً ، استغرب من عقليات بعض الرجال التي إلى الآن تنظر للمرأة نظره دونيه ، ونظرة مملوءة احتقار ، واشمئزاز !! .
لا عمل للمرأة خارج بيتها !! .
عملها الوحيد : ( الحمل ، والولاده ، والرضاعه وتربية الأطفال ، وخدمة زوجها ، وتنظيف بيتها ) .
لو كان كل الرجال بهذه العقلية يرفض وبشده عمل المرأة ، فهل الكل يرضى لنفسه أن يُعلّم بناته رجل ، أو يكشف على زوجته طبيب ، أو يبيعها رجل ملابس لا يُفترض أن يراها سوى زوجها !! .
أمور كثيره لا يمكن أن يحل محلها في مجال العمل إلا امرأة .
المرأة في وقتنا الحاضر وصلت لمراكز مرموقة في صفوف التعليم ، وحصلت على شهادات تميز وإنجاز ، بل وتفوقت كثيرات على رجال ، فهل من اللائق بعد هذا النجاح والتميز أن يظهر لها رجل ؛ ليزدري كل ما حققته ، ويمسح بإنجازاتها البلاط ، ثم ينظر لها بنصف عين : ( مكانك البيت والمطبخ وجَلي المواعين .. !! ) .
تشتكي بعض الموظفات من ظلم زوجها الذي لم يتقبل ولن يتقبل أن تكون زوجته موظفه تتقاضى راتب ، فتجده يتصرف في مالها كيفما شاء ، ويأخذ قروض من مالها ، ولو عارضت يهددها بالطلاق ، ثم الويل لها إذا تميزت في مجال عملها ، فلا تلقى منه إلا كسر مجدافها ، والزج بها في أوحال النقص مهما تعاظم نجاحها ..
لقد كانت السيدة خديجة - رضي الله عنها - في ذلك الزمن المجيد تاجرة مرموقة المكانة قبل أن تتزوج بسيد البشر محمد ﷺ ولما تزوجته كان يساندها ويشرف على تجارتها ، وما عيرها سيد البشر ﷺ يوماً ما ، ولا طالبها أن تترك التجارة وتلتفت لبناتها الأربع وبيتها ، بل كان يفاخر بها أمام صحابته - رضي الله عنهم - فيقول : ( لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها ) والقصص كثيرة تحكي حبه لزوجته السيدة خديجة - رضي الله عنها - وحفظ ودها حتى بعد وفاتها .
الإسلام كرم المرأة ، زوجه ، وابنه ، وأم ، وأخت ، بل سمَّى سورتين في القرآن بإسمها : ( النساء ومريم ) وفي آياته البينات كما خاطب الرجال ، خاطب أيضاً المرأة ، وأوصى بالنساء خيراً .
وفي واقعنا الحالي وما نشهده ، ليس من تمام الرجولة ، ولا المروءة ، أن يرضى الرجل بإمرأة موظفه ، وقد اشترطت عليه في عقد النكاح الإستمرار في وظيفتها فوافق ووقّع بالقبول ، ثم يُظهِر لها بعد الزواج ظَهر المِجَن ، ويُخِل بذلك الشرط ، ثم يكيل لها التهم والوعد والوعيد والتضييق عليها بكل وجه ممكن !!.
للرجل الحرية قبل الزواج أن يختار غير موظفه ، بل ويُصارح أهلها بعدم رغبته بإمرأة موظفه منذ البداية وهذا من حقه ، وسيجد من تختار أن تكون ربة بيت ، فتُفضل الحياة الأسرية بعيداً عن أجواء العمل ، أما أن يوافق ذلك الخاطب على شرط مخطوبته بأن تبقى في مجال عملها ، ثم إذا تزوجها ينقض وعده ، ويُطالبها ليل نهار أن تترك وظيفتها ، فتحدث مشاكل بسبب هذا ، والمُفترض أن تكون شهامة هذا الرجل تأبى عليه أن ينقض ما اتفقا عليه !..
ويظل عمل المرأة اختياري ، وليس إجباري ، فليس المطلوب الإستنفار الهائل لعمل المرأة فتظل البيوت خاوية على عروشها ، فكما أن المجتمع بحاجة لموظفات ، فكذلك بعض الأسر بحاجة لزوجة متفرغة لأسرتها ، ويظل الرجل مهما كان هو القيّم على أسرته حتى لو كانت زوجته موظفه ، فالرجال قوامون على النساء بالنفقه والرعاية والإهتمام ، ويظل له احترامه وتقديره وأداء حقوقه كما كفلها المولى ، وكما أوصى الشرع بالإحسان للمرأة فللرجل كذلك ، وهذا النبي ﷺ يوصي النساء خيراً بالرجال : ( لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرتُ الزوجه أن تسجد لزوجها ) رواه الترمذي ..
أزواج كثيرون يرغب الواحد منهم أن تتوظف زوجته ؛ لتعاونه على شؤون الحياة ، فيتفقا برضا وطيب نفس ، فتسير سفينه الزوجية على حب ووئام ؛ لأن أجمل مافي الحياة الوضوح ، والتفاهم ، والحوار المثمر ، والإحترام بين الطرفين .
أسعد الله كل زوجين بمسراتٍ تُرفرف على عش الزوجية أساسها طاعة المولى ، واتباع هدي نبيه محمد ﷺ .
✍️ سلمى الحربي
-